• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

تجليات المكان في مجموعة: "مجرد صديقة" لـ"صبحة علقم"

تجليات المكان في مجموعة: مجرد صديقة لـصبحة علقم
د. محمد حسين السماعنة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/11/2021 ميلادي - 7/4/1443 هجري

الزيارات: 2173

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تجليات المكان في مجموعة" مجرد صديقة" لـ"صبحة علقم"

 

أحدث العصر الحديث باختراعاته واكتشافاته كثيرًا من التطورات والتجديد في السرد والشعر طال المعاني والأفكار، والأسلوب، والصياغًة، والصور، والشكل؛ فقد ظهرت أنواع أدبية جديدة، وطوَّرت أنواع أخرى تماشيًا مع روح العصر الذي طبعته التكنية والاختراعات المختلفة في مجالات الحياة كلها بطابع السرعة والاختصار والتكثيف، وبعد أن عولمت وسائل التواصل والاتصال العالم، وجعلته قرية صغيرة أخبارها وأحلامها وآمالها وآدابها إنسانية معروضة على محك الحياة اليومية، وخلقت نمطًا جديدًا من الذائقة الأدبية.

 

والقصة القصيرة جدًّا من الأنواع الأدبية التي ظهرت في الزمن المعاصر، وولدت لأسباب كثيرة؛ منها تلبية رغبة الجيل الجديد الذي أدمن روح السرعة، فهي تنماز بالخفة والتكثيف، ولا تدخل في الأوصاف الكثيرة والتفاصيل، وفيها الدهشة المنشودة اللطيفة، والمفاجأة المرغوبة، والإيحائية المثيرة، وكل ما يبعد الملل عن القارئ المعاصر الذي طبعته الحياة المعاصرة بطابعها.

 

وقد استسهلت كثير من الأقلام كتابة القصة القصيرة جدًّا، فامتلأت الساحة الأدبية العالمية بالغث والسمين من تلك المجموعات القصصية، وفاضت الساحة على القارئ وأربكته فصار يحار أمام تلك العنوانات اللامعة الزاهية التي تصدر تحت عباءة القصة القصيرة جدًّا، ومن تلك الحلل الناعمة المغرية التي تلبسها، ومن تلك الصور المختارة التي تتربع على أغلفتها وتلوِّح للقارئ ليقتنيها ويقرأها، وأما السمين بينها فقليل، ويكاد صوته يضيع في حومة النقد الترويجي والتزويقي والنفخي والتلميعي.

 

ونجاح القصة القصيرة جدًّا يعتمد على وجود مزيج فني لمجموعة من العناصر يعده مبدع واعٍ صاحب فكر مالك للغة والخيال والروح الخلاقة، فخصائص القصة القصيرة جدًّا صعبة لا يستطيعها إلا الراسخون في السرد؛ لأنها قصة مختصرة تقوم على التكثيف، والإيحاء، والرمز، والإدهاش، والحذف، والإضمار، والصورة الومضة، والمفارقة، والسخرية أو التهكم أو الهجاء القاسي اللاذع أو الانتقاد الساخر.

 

وتظهر مجموعة "مجرد صديقة" الصادرة عن دار ناشرون الآن وموزعون عام2021م للكاتبة صبحة علقم لتعطي دفعًا قويًّا مثريًا لكتَّاب القصة القصيرة جدًّا المبدعين للاستمرار، ونفسًا جديدًا للقصة القصيرة جدًّا لتستمر، فهي أنموذج راقٍ، وممثل واعٍ لهذا النوع الأدبي الجديد المؤثر، كتبته كاتبة أكاديمية لها خبرة بالسرد، وتجربة طويلة في كتابة القصة القصيرة، وتؤمن أن كتابة القصة القصيرة جدًّا فن يحتاج إلى حرفية عالية، وأنه ليس متاحًا للجميع".

 

وتبحث هذه المقالة في تجليات المكان في المجموعة القصصية "مجرد صديقة" التي تضمنت ثلاثًا وأربعين قصة قصيرة جدًّا، وقصة قصيرة؛ لأن للمكان في هذه المجموعة أهمية عظيمة، فهو أساس متين بنيت عليه أكثر قصص المجموعة، وحمل إيحاءات عميقة ساندت الرؤية في كل نص، واستطاعت الكاتبة استغلال فضاءاته لإخراج نصوصها في أكمل صورة، والمكان أساس القصة، والوعاء الحي الذي يحتضن أحداثها، وله أثر فاعل في نموها، وفي حركة الشخصيات فيها، وفي تطور أحداثها، والكاتب المبدع هو الكاتب القادر على أن يوصل بوساطة المكان الإحساس بمعنى الحياة، أو الإحساس باليأس والتيه.

 

إشارات:

تناقش معظم قصص مجموعة "مجرد صديقة" للكاتبة صبحة علقم العلاقة المتأرجحة بين الذكر والأنثى في بيئات محصورة محدودة، وأماكن منتقاة بعناية وذكاء.

 

وتبدأ تجليات المكان من عتبة النصوص غلاف المجموعة التي جاء العنوان فيها على صورتين بحروف مترابطة مجتمعة وبحروف مقطعة متفرقة منفصلة (م ج ر د ص د ي ق ة)، وبوضعيتين مختلفتين متباعدتين؛ لتؤكد الكاتبة تخلخل الأرضية التي تقوم عليها العلاقات، فالعنوان وإن كان يشير إلى الصداقة في المعنى المرقوم في ذهن القارئ إلا أنه مبعثر مقطع ماديًّا، ولا يبقيه على دلالته إلا القارئ أو المشاهد؛ لأنه ألِف أن تكون هذه الحروف مجتمعة لتشير إلى تلك اللفظة، وهو عنوان في صورة منه لا تجتمع حروفه إلا إذا سعى القارئ لجمعها والتأليف بينها كحال بعض العلاقات الإنسانية، وبهذا فإن عتبة النص تنذر بتخلخل المكان الذي يحتضن العلاقات الإنسانية في هذه المجموعة، وتفتح الباب واسعًا لفهم مواقف الشخصيات المدهشة المحيرة التي حملتها كثير من قصص المجموعة.

 

الملاذ الآمن:

ويكثر في قصص المجموعة التي يغلب على عنواناتها التنكير بحثُ شخصياتها الرئيسة عن ملاذٍ آمنٍ أو ملاذ واقٍ، أو دوائر مساعدة، تلك الشخصيات التي ظهرت بلا أسماء وبقليل من الصفات الجسدية في بيئات لا هوية لها إلا وظائفها، ففي قصة "خيانة" تلوذ الحبيبة أو الزوجة بالسماء، فهي ترفع رأسها إليها بعد أن نبَّهها زامور السيارة، ورأت ما أُريد لها أن تراه فتاةً أخرى بجانبه، ثم هوت على الأرض، وكان القلب هو الملاذ في قصة "ذبول"؛ إذ تلوذ الفتاة إلى قلبها وهي ترتجف بعد أن قال الرجل لها: "أنت مجرد صديقة"، واختيار القلب ليكون ملاذها اختيار موفق؛ لأنه المكان الذي عبر منه الرجل إليها، ولأنه المكان الوحيد الذي يستطيع أن يطرده من عالمها، وفي قصة "جدار" تلوذ المرأة الستينية إلى الجدار بعد أن أهداها زوجها عروسًا جميلة، والجدار يوحي بالجفاف والقسوة والجمود، ويحيل إلى المثل العامي "ظل رجل ولا ظل حيطة"؛ فهي تخالف المقولة وتفضل الجدار على هذا الرجل الذي تنكَّر لكل خير منها.

 

وفي قصة "رحيل" تترك الزوجة كل شيء خلفها، وتمزق الذكريات بتمزيقها للصورة، وتلوذ للغناء بعد أن تجسد زوجها بابًا من أسئلة، وخلت غرفة نومهما من أي مشاعر حب واضحة تحثها على البقاء.

 

وفي قصة شقائق النعمان كانت الحديقة هي ملاذ الموظفة الأول لتدليل نفسها، ثم لما كسر السائلون يومها صارت الحقيبة هي ملاذها، ثم لما سألها رجل شيخ عجوز عن الزواج لجأت إلى هاتفها إلى العالم الافتراضي فحقيبتها لم تعد ملاذًا مناسبًا.

 

العودة للمنطلق:

وتتكرر في قصص المجموعة عودة الشخصية الرئيسة للمنطلق؛ حيث تنتقل الشخصية الرئيسة من مكان ثم تعود إليه، ففي قصة "شقائق النعمان" تترك الموظفة المكتب بحثًا عن يوم لطيف تدلل فيه نفسها ثم تنتهي القصة بعودة الموظفة إلى المكتب في اليوم نفسه.

 

وتوحي عودة الممثلة إلى خشبة المسرح في قصة "أمومة" بأن الأمومة أولًا، ولا يوقفها مكان أو حدٌّ؛ لأن الأم تبقى أمًّا في كل مكان، فالممثلة في القصة تغادر خشبة المسرح (المنطلق) وقت العرض غير آبهة بصراخ الممثلين والجمهور والمخرج، حين سمعت صوت ابنها يناديها لتحتضنه وتضمه إلى صدرها، ثم تعود إلى خشبة المسرح، فالمسرح هو مكان العمل، وهو المكان الذي تحاول فيه إرضاء الجمهور والممثلين والمخرج، وهو المكان الذي تركته لإرضاء ابنها.

 

ويعود الزوج في قصة "زينة" إلى بيته بعد أن خرج ببعض عواطفه منه، فقد نكس رأسه وعاد إلى بيته، وتشبث بزوجته وصغيرته.

 

ويمد المكان قصة "حرية" بإيحاءات البعد والاعتزال بعد البين والخذلان؛ إذ تعود الفتاة التي فتحت نافذة غرفتها لتُطل على الحياة إلى غرفتها، وتغلق النافذة بعد أن يحط على كتفها الغراب الذي يحيل إلى (غراب البين)، ثم تغلق الغرفة بعد أن تابعها إليها وهو يقول لها اشتقت لك.

 

المكان الغائب الحاضر:

وتخفي الكاتبة المكان في بعض القصص، فلا تذكره، ولا تشير إليه، وإنما تترك آثاره واضحة في النص ليملأ المتلقي فجوة المكان من خياله وتوقعه، ففي قصة "ذكرى" تترك الكاتبة للقارئ أن يتصور المكان في جمل حوارية تقود إلى قاعة المحكمة التي ستكون مكانًا لإنهاء العلاقة الزوجية التي لم تكمل عامها الأول، ووصول الزوجين إلى قاعة المحكمة يشير إلى أن الخلافات بينهما استعصت وتفاقمت، وأن نهاية مؤسفة للزواج تلوح في الأفق، فالمحكمة مكان للفصل بين النزاعات، وتحصيل الحقوق المادية والمعنوية.

 

وفي قصة "تجاعيد" أخفت الكاتبة المكان وغيبته لتترك للقارئ أن يتخيله ويرسمه، وتعويم المكان أو إخفاؤه في القصة هو إيحاء عميق بأن هذا الحوار المليء بالمجاملة والكذب الذي جرى بين المرأة والرجل يجري في كل مكان يلتقي فيه رجل وامرأة، فليس للمكان أهمية أو دور في تشكيل طبيعة الحوار ولا في محتواه ولا نتائجه؛ لأنه نتاج طبيعي لعلاقة بنيت على أسس غير متينة.

 

وفي قصة "واقع" تخفي الكاتبة المكان وتغيبه؛ لأن العاشق الجديد الذي يعلن حبه للفتاة يشبه من قالوا لها أحبك وغادروا، وتركُ ذكر المكان هو تعميم لهذا الموقف، فهذا حوار بين ذكر وأنثى قد يجري في أي مكان.

 

المكان المؤثر الموحي الفاعل:

ويصفق جمهور المسرح طويلًا في قصة «الجميلة والكهل الدميم» للفتاة الجميلة التي تزوجت الكهل الدميم وأحسنت دورها، ورفعت يد الكهل ليشاركها تحية الجمهور، ثم ركلته بعيدًا ليلملم صورها التي امتلأ المسرح بها، واختيار المسرح للدلالة على العلاقات المبنية على أسس واهية هو اختيار ذكي، فالمسرح مكان للخيال وللتمثيل لا الحقيقة والشعور الصادق، والفتاة الجميلة أدت دورها أمام الناس وأقنعتهم أنها سعيدة بزواجها، ولكنها حين خلا المسرح أظهرت حقيقة مشاعرها.

 

وفي قصة "حب مؤقت" يوحي اختيار محطة القطار؛ لتكون مكانًا للقاء الحبيبين أن اللقاءات السريعة العابرة لا تبني حبًّا دائمًا ثابتًا، فمحطة القطار مكان للوداع واللقاء والاستقبال والمغادرة لا يسكنه أحد.

 

وفي قصة "رحيل" كانت غرفة النوم هي المكان الذي أوقفها فيه الباب الذي حمل صفات بشرية مكنته من إيقافها وسؤالها عما تحمله في حقيبتها، وفي غرفة النوم تجمعت كل ذكرياتها، وماضيها، فهو المكان الذي يحوي خزانتها وصندوق مجوهراتها، وألبوم صورها، وبعد أن رتبت ملابسها وصففت مجوهراتها، واستلت صورة من ألبومها، استوقفها الباب مرة أخرى ليسألها عما تحمله في يدها، فدفعته فهوى على الأرض، ثم مزقت الصورة وانتشت بالغناء. ويتجسد الزوج في القصة بابًا كثير الأسئلة بلا عواطف، فهو مكان للعبور أو المغادرة لا للحب والمشاعر، وهمه مادي لا عاطفي، استسهل رحيلها، وهي تركت له في الغرفة كل شيء يذكرها به.

 

لقد ازدحمت غرفة النوم "مكان القصة" بالأحداث والقرارات، واختيار غرفة النوم هو اختيار موفق؛ لأنها تمثل الحياة الزوجية، فهو المكان الذي تبدأ منه الحياة الزوجية وهو المكان الذي تنتهي منه الحياة الزوجية غالبًا، وأما السقوط على الأرض، فهو إعلان لانتهاء تلك العلاقة.

 

وفي قصة «شقائق النعمان» كان المكتب هو المكان الطارد المتعب الذي قررت الموظفة أخذ إجازة بعيدًا عنه لتدلل نفسها، لكن قدميها قادتاها إلى حديقة مجاورة للمكتب، وفي الحديقة (المكان الجاذب) لاحقتها طلبات رواد الحديقة وأسئلتهم، فقطعت إجازتها، وعادت إلى عملها، وتوحي القصة بأن ما يجعل المكان طاردًا أو جاذبًا هو الإنسان، فما جعل المكتب طاردًا هو العمل مع مدير شديد، وما جعل الحديقة جاذبة هو طبيعتها بزهورها وألونها وخضرتها، وما جعلها طاردة هو طلبات الناس وأسئلتهم.

 

وكانت المحلات التي تبيع الهدايا هي المكان في قصة "لفحة"؛ حيث تحار الزوجة في الهدية التي ستهديها لزوجها الذي يعشق اللون الرمادي، ولا تعجبها اللفحات كلها التي تعرضها تلك المحلات، فهي ليست مميزة، أو كما توحي القصة ليست قادرة على إحداث أثر في روح زوجها، ولكن صاحبتها باغتتها بأنها لا تريد شراء هدية، فوجمت تتساءل، فردت صديقتها بحزن: أظنكِ…" "أظنني أشعر بالبرد"، وتشير علامة الحذف إلى كلام كثير عن حياة الزوجين إذ لم يستطع المكان بكل ما فيه من هدايا أن يوفر لقلبها ما يبعث الحب الحقيقي والدفء، فالحب الذي يشترى شراءً لا يدوم.

 

وتنتصر الأمومة في قصة "أحلام مؤجلة" على رغبات الأم في تدليل نفسها، وكان البيت هو المكان الذي امتلأ بأحلام الأم، والمكان الذي انتصرت فيه الأمومة على رغبات الأم، ففي البيت ينتصر الواقع دائمًا على الأحلام، فهو المكان المغلق الذي تمحو فيه الأمومة الأماكن كلها مهما كانت واسعة براقة مغرية.

 

وينتصر البيت في قصة "زينة"؛ حيث الزوجة التي تخلت عن وظيفتها لأجل بيت الزوجية، والابنة الصغيرة، على مشاعر الزوج في مكان انتظار الحافلات؛ حيث التقى الصبية الجميلة اللطيفة وأعجب بها، وتوحي القصة أن البيت الذي بُني على أسس سليمة هو موطن للحب والعواطف الثابتة الصادقة المنتصرة على كل نزوة، أو هفوة، أو زلل، وأما موقف انتظار الحافلات فهو موطن للمشاعر العابرة والعواطف المؤقتة.

 

وأما في قصة «خلوي»، فكان المقهى فيها مكانًا لصراع عميق بين العالم الافتراضي وعالم الواقع، حيث يجلس رجل وامرأة ينظر كل منهما إلى هاتفه، ويسترقان النظر إلى بعضهما بخجل، ولم يستطع المقهى أن ينتصر على مخاوفهما التي حملاها معهما إليه، ورافقتهما في طريق المغادرة، فهما رجل وامرأة جمعهما مكان افتراضي (عالم افتراضي) حاولا الخروج منه إلى الواقع بلقائهما في المقهى، ولم يستطيعا ولم ينجحا.

 

وبعد أن اشترت الزوجة في قصة «ماركات» ماركات الملابس كلها المعروضة في واجهة المحلات بكت، وألقت بها في حاوية نفايات، لتكون من نصيب زوجة "الزبال" التي انتشت فرحًا وهي تلبسها، وقررت أن توزعها على الأعياد والأفراح القادمة، وللمكان في هذه القصة أهمية عظيمة، ففي الحاوية ألقت الزوجة الغنية الملابس، فهو مكان للترك والتعبير عن عدم الراحة، وعدم الرضا، والشعور بالخذلان والخيبة، فهو المكان الذي استقبل نتائج علاقة الزوجة الغنية بمن تتعامل معه، فلم تنجح الماركات العالمية في تحسين شعورها، أو تصحيح علاقاتها المتوترة مع من حولها أو مع نفسها، ومن الحاوية أخذت زوجة "الزبال" الماركات وزادت بها حياتها طمأنينة ورضا وسعادة.

 

وفي قصة "رجل لن يأتي"، أوحى المكان" المقهى ذو الطابقين" بما تلاقيه كثير من النساء من خداع الرجال وخذلانهم، فهو مكان للخذلان تعوَّد فيه النادل رؤية المنتظرات اللاتي يخذلهن الرجال الذين لا يأتون، فالمرأة التي أغضبها تأخر الرجل نهرت النادل الذي كان ينظر إليها نظرة إشفاق وتعاطف، فيكشف صديقه لها ما تتعرض له من خذلان حين يضمها إلى منتظرة أخرى في الطابق العلوي، امرأة مثلها تنتظر وأمامها فنجانان من القهوة، ومن الباب على زاوية الصالة جاء رجل يمسح يديه.. رفع رأسه فجأة.. واتجه مسرعًا نحو الدرج السفلي.. وبصوت واحد صاحتا: أنا هنا!.

 

والقلب في قصة "منفضة" هو شخصية رئيسة قامت عليه القصة فهو مكان الصراع بين رغبة قبول وافد جديد ورفضه، فقد عاد جديدًا نظيفًا خاليًا من آثار الخذلان والخدوش بعد أن رتبته وعطَّرته، ونفضت غبار المشاعر عن أزقته ولَمَّعته بملمع فاخر، وعادت له الحياة فقال لها: "بعد قليل سأكون دافئًا"، فأعادته إلى مكانه رافضة تأجيره، أو بيعه لتكمل انتظارها.

 

وتظهر الدراسة الإحصائية أن أحداث القصص في "مجرد صديقة" قد توزع أكثرها على الأماكن الآتية: البيت، والمسرح، والشارع، والقلب، والسوق ومحلاته، ومحطة الانتظار، والسيارة، والمقهى، وقاعة المحاضرات، والمحكمة، وعيادة الطبيب، والجدار، والرأس، والمكتب، والحديقة، والحاوية.

 

وبعد؛ فقد كان للمكان أثره الفني والمعنوي في مجموعة "مجرد صديقة" لـ"صبحة علقم وظفته الكاتبة بمهارة عالية، وبفنية متمرسة، وبذكاء ومكر وقصدية موحية، وكل ذلك في أبنية قصصية إبداعية متقنة والنسج.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة في مجموعة أحمد صوان القصصية
  • التحليق في فضاءات القاصة المتميزة نور الجندلي في مجموعتها: تحليق بلا أجنحة (1)
  • التحليق في فضاءات القاصة المتميزة نور الجندلي في مجموعتها: تحليق بلا أجنحة (2)
  • سحر الشعر في أفق السرد قراءة في مجموعة " عكارة الجسد "

مختارات من الشبكة

  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (8)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجليات الغرابة في مغني اللبيب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تجليات "الحق" في كلمات الوحي(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب